السبت، 5 مايو 2012

السياحة في مدينة السويداء /سوريا

محافظة السويداء واحدة من المحافظات السورية تقع في إلجنوب الشرقي من دمشق وتحدها محافظة دمشق من الشمال ومحافظة درعا من الغرب والبادية السورية والصفا من الشرق والأردن من الجنوب.

تبلغ مساحتها /6550/كم² ويمتد طول المحافظة من الشمال إلى الجنوب /120/ كم ويبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب /66/كم.
محافظة السويداء تعد متحف مفتوح للاثار والاوابد الأثرية التي تعود إلى آلاف السنين، وعثر علماء الآثار في مواقع كثيرة في معظم أرجاء المحافظة على أدوات صوانية منحوتة كان يستخدمها إنسان ما قبل التاريخ نذكر منها مراح كوم التينة إلى الشرق من قرية ريمة اللحف، ومراح المزرعة القريبة من مدينة السويداء، وقراصة، وكوم الحصى، وحزحز، والشبكي، وتحتضن المحافظة مواقع أثرية هامة مثل تل الدبة قرب قرية بريكة، وموقع دير الأسمر بين قريتي نجران وأم العلق، تشير اللقى الأثرية فيها على وجود آثار من العصر البرونزي.
وفي ربوع المحافظة تتواجد آثار خلفها الأراميون والصفويون والانباط الذين دخلوها بعد انتصارهم في موقعة موناثا(امتان) على السلوقيين عام /88/ق.م وبعدها انطلقوا شمالا وكذلك اليونان والرومان التي تنتشر اثارهم في كافة ارجاء المحافظة بشكل كثيف جدا.

أضحت مدن المحافظة في عهد الانباط مراكز هامة وغدت مدينة صلخد من بينها مركزاً تجاريا واقتصادياً وعسكرياً متميزاً، وقد تعزز موقعها العسكري بفضل قلعتها الضخمة الشهيرة قلعة صلخد، وفي أماكن عديدة في المحافظة يجد الباحثون آثاراً وكتابات نبطية كما في السويداء وسيع وغيرهما كما عثر على كتابة بالعربية تعود إلى عام /328/م وهي تؤرخ قبر امرئ القيس أحد ملوك العرب، وبسبب قوة الأنباط الاقتصادية والعسكرية لم يتمكن الرومان من احتلال المحافظة عندما احتلوا سورية عام /64/ ق.م غير أن ضعف الأنباط الذي أخذ يتزايد شيئاً فشيئاً مكن الاحتلال الروماني من بسط سيطرتهم على مدن المحافظة آنذاك

لأحكام سيطرتهم عليها اهتم الرومان بمدن المنطقة في السويداء وجعلوها من أهم مدن الامبراطورية الرومانية، فقامو بتنظيم المدن السورية في السويداء على نمط مدينة روما، وشيدت المباني والقصور والمعابد والدور الدينية والمسارح والحمامات الرومانية والاسواق واقامة ومد اقنية ونظم الرى وخزانات المياه وشق الرومان العديد من الطرق التي تمتد لعشرات الكيلومترات بين المدن، إضافة إلى الطرق الداخلية المرصوفة بالحجارة في الكثير من المدن والبلدات التاريخية الهامة

وتضم المحافظة الكثير من الآثار التي تعود إلى العصر اليوناني والروماني في شهبا، قنوات، شقا ,قرية بريكة, نجران، سيع، عتيل، سليم، عريقا، داما، ذكير، المشتف، ملح، عمرة، المجدل، صلخد ,المزرعه وام الرمان وعرمان وغيرهم الكثير من البلدات والمواقع الأثرية.

ففي مدينة شهبا أو روما الصغيرة بنى الامبراطور فيليب العربي ابن مدينة شهبا وأصبح امبراطور على روما، واعتنى بمدينته شهبا وبتصميمها وجعلها مشابهة لروما وجعلها مركز هام في الامبراطورية الشرقية، ويوجد بها آثاراً صخمة منها المعبد الذي تدل على أهميته الأعمدة الأربعة ذات التيجان الكورنثية، كما يعد مسرح شهبا من المسارح الشهيرة بطابقه العلوي وقناطره، بالإضافة إلى غرف الثياب والمطالعة والرياضة والمطاعم والملحقات في ابنية المسرج، والحمامات الرومانية الضخمة والمعابد ودور العبادة، وجعل للمدينة اربع مداخل أو بوابات (اقوس نصر)ما تزال موجوده حتى اليوم، واثار المدينة وأسوارها والشوارع المرصوفة بالحجارة ومبانيها التاريخية شواهد حية على مدى التطور العمراني الذي شهدته المدينة في التاريخ وكانت من أكثر المدت تطورا في مختلف نواحي الحياة

 
لقد أخذ حكم الاحتلال الروماني يشهد ضعفاً وانحلالاً فتعاظم دور الغساسنة وأصبحوا أصحاب الحكم الحقيقيين في ظل السلطة الرومانية الضعيفة خلال القرن الرابع الميلادي. وعندما آل الحكم العربي على بلاد الشام لاقاه الغساسنة والقحطانيون بالترحاب فأقر الخليفة العربي عمر بن الخطاب عام /636/م مالكاً ابن حارث أميراً على حوران الذي تشكل المحافظة جزءاً منه، وكان لسكان المحافظة آنذاك شرف المشاركة في معارك الجهاد ضد الروم والصليبيين.
ومن جهة أخرى كانت ربوع المحافظة التي عرفت قديماً بأسماء عديدة ك جبل الباشان وجبل حوران وجبل الريان وجبل العرب, تشد إليها أنظار الخلفاء العرب، فبنى الوليد بن عبد الملك لنفسه قصراً في ريمة اللحف، كان يقضي فيه بعض الوقت في فصل الصيف، أما الخليفة عمر بن عبد العزيزفقد امتلك في السويداء مزرعة كان يقيم فيها من وقت لآخر، وعندما تنازل عن ممتلكاته آثر الاحتفاظ بها دون غيرها فأبقاها لنفسه.
ومثلما شدت المحافظة أنظار هؤلاء الخلفاء هز جمال طبيعتها مشاعر العديد من الشعراء العرب، مثل امرؤ القيس والشريف الرضي ولبيد بين ربيعة وغيرهم، فتغنوا به وأنشدوا أشعاراً جميلة. فالشاعر العربي جرير تعلق بجبل الريان حباً وذكرى وحنَّ إليه

واستمر اسم جبل الرَيَّان يطلق على ما يبدو على المحافظة حتى خلال العصر الأموي وحتى اواخر العصر العباسي. ثم شهدت المنطقة اضطراباً في الأمن وتراجعاً في الحياة الاقتصادية فأدى ذلك مع عوامل أخرى كما ترجح المصادر إلى نزوح النَّاس عنها، فقل عدد السُّكَّان وهُجرت معظم المدن والقرى. واستمرت تلك الظَّاهرة الطارئة فترة من الزمن. فكانت القبائل البدوية تأتيه في فصلي الرَّبيع والصيف لترعى مواشيه ربيعه وتستقي من مياهه فتهدد بذلك الأجزاء الغربية المسكونة منه مثلما تهدد الحياة الاقتصادية في السهل الحوراني.

 عادت الحياة تدب من جديد في ربوع الجبل واوابده ومدنه، فقد تمكن الأمير فخر الدين المعني الثاني من بسط سيطرته على حوران، عام /1613/ م حملة ضخمة اضطرته للتراجع المؤقَّت ثم ما لبث أن أرسل عام /1625/ بعثة عسكرية وفنية إلى حوران ليعيد ترميم قلعة صلخد وكانت البعثة بقيادة ابنه الأمير علي. لكن الاستقرار الفعلي في الجبل لم يبدأ إلا مع مطلع القرن السابع عشر منذ عام /1711/م حيث أخذت قراه ومدنه في الجزء الشمالي منه تشهد الحياة من جديد مع هجرات جاءته من مناطق شمال سوريا مثل حلب وادلب وكذلك من لبنان وفلسطين وأخذت تتوسع فيه شيئاً فشيئاً وتستقر في المدن والقرى

وإبان الاحتلال العثماني لم يعرف الجبل حكماً عثمانياً مباشراً حتى عام /1840/م فقد كانت أسرة الحمدان الأسرة الحاكمة في الجبل ويعرف الشيخ الحمداني باسم شيخ مشايخ الجبل أو كبير المشايخ فيه. وعندما أراد حكم محمد علي باشا في بلاد الشام /1831 _ 1841/ أن يفرض التجنيد ونزع السِّلاح على السكان شهد الجبل حرباً ضروساً استمرت تسعة أشهر دون أن يتحقق للحاكم ما أراد بالرغم من أساليب القسوة والقتل والتدمير وردم برك المياه والحصار المحكم فزهقت أرواح آلاف الضحايا من الجيش والسكان.

 ثم عادت الدولة العثمانية وكررت سياسة محمد علي باشا في الجبل فتذرعت لبسط سيطرتها المباشرة فيه بمبررات مختلفة وطلبت من سكانه تسليم أسلحتهم والقبول الجديد بتجنيد أبنائهم، في الوقت الذي كانوا يقومون فيه بأنفسهم بأعباء فرض الأمن في الجبل وفي درء الأخطار التي كانوا يتعرضون لها من جهة ويعملون كل ما في وسعهم لتطوير الزراعة وتعمير البلدات والقرى، وتأمين مستلزمات الاستقرار فاضطروا لمواجهة الحملات العثمانية والثورات المتكررة ضدها وكانت الدولة العثمانية تلاحق احرارهم والذين رفضوا الذل وقد قامت باعدام مجموعة منهم في عام 1911وهم :ذوقان الاطرش (والد سلطان الاطرش ), يحيى عامر ,مزيد عامر, هلال عز الدين ,حمد المغوش ,محمدالقلعاني واستمرت الثورات خلال عشرات السِّنين حتى رحيل الاحتلال العثماني عام /1918/م. حيث شارك الجبل في الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين، قاتل أبناؤه إلى جانب أشقائهم في الجيش العربي والجيش التركي وكانو أوائل الداعيين للثورات بقياداتهم الدينية السياسية.. وساهموا في دحره إلى أن وصلوا مع طلائع الجيش العربي مدينة دمشق ورفعوا العلم العربي في سمائها.

واعلن استقلال سوريا ومنها الجبل لكنه لم يستمر طويلاً، فاضطربت من جديد الحياة في بلاد الشام مع بداية الاحتلال الفرنسي، ونشبت الثورات الوطنية والتي كان محافظة السويداء دوراً محورياً فيها بقيادة سلطان باشا الأطرشمن قرية القرياوهو القائد العام للثورة السورية الكبرى والذي ابتدأ ثورته بكلمته الشهيرة إلى السلاح إلى السلاح حيث كان العرب الدروز من أول من قامو بالثوره ضد الفرنسيين وقامت عده معارك ضريه مثل معركه المزرعة والكفر وكان لهم الدور الأكبر في دعم ومساعده إخوانهم في دمشق... حيث خففو الضغط عنهم وكانت الشعله الأولى في مشعل الحريه العربي. وكانت نتيجة هذه الثورة التي ضمت تحت لوائها بطولات المناضلين في سوريا أن أشرقت شمس الاستقلال في 17 نيسان 1946 لتشهد بعدها سوريا بداية عهد جديد.

تطورت محافظة السويداء بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة وتعمَّقت مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية ومدينة السويداء مدينة عصرية راقية بمبانيها الانيقة وشوارعها واسواقها وكذلك المدن والبلدات حيث تنتشر احدث وارقى المباني والفلل السكنية، شهدت المحافظة بفضل سياسة الرئيس البطل الراحل ( حافظ الاسد) تسارعاً في وتائر النمو والتطور فشقت الطرق وعبدت بين قرى ومدن المحافظة، وبنيت المدارس والمعاهد والمستشفيات والمراكز الثقافية والصحية ورياض الأطفال والمركز الخدمية، وشيدت السدود وأقيمت المصانع، واستصلحت الأراضي الزراعية، وأحدثت المصارف ووصلت الكهرباء إلى كل مدينة وقرية ومزرعة في كافة ارجاء المحافظة، وبلغ عدد سكان المحافظة مايزيد أكثر من ثلاثمائة وخمسون ألف نسمة. وتطورت في المجال الزراعي والصناعي.

تتمتع السويداء بطبيعة جبلية رائعة وتعتبر بمعايير الأمم المتحدة متحف طبيعي للاوابد الآثرية والتاريخية في كافة مدن وبلدات وقرى المحافظة، وكذلك تنتشر على امتداد اراضي المحافظة وخاصة الجبلية منها آلاف الدنمات من الاراضي الحراجية الطبيعية غابات فوق المناطق الجبلية من سليم وعتيل والسويداء والكفر وغيرها...والاراض المشجرة بأشجار مثمرة وكروم العنب والتفاح أو آلاف الدنمات من الاراضي المشجرة بأشجار حراجية جديدة (غابات) في عدد من مناطق المحافظة مثل منطقة ظهر الجبل وسد العين حيث يوجد في منطقة ظهر الجبل أكبر مشروع تشجير مثمر في المنطقة.

إضافة للطبيعة الجميلة والاوابد والمدن والمواقع الأثرية الكثيرة والمناخ الجميل المعتدل مما يجعل المحافظة من ضمن الأماكن السياحية التي تخطط وزارة السياحة السورية لزيادة الاستثمار السياحي وجذب المهتمين والسياح إلى المنطقة فهناك الكثير الكثير من مقومات الجذب السياحي، ويوجد في المحافظة عدد من شركات النقل السياحي الحديثة التي تربط كافة مناطق المحافظة إضافة لرحلات على مدار اليوم من السويداء إلى دمشق، يوجد في العديد من المدن والبلدات مراكز ومقاهي إنترنت،واستراحات متميزة ومطاعم أجملها أنشاء المغترب السيد وائل فرج لمطعم الصفصاف في منطقة عين المرج.

تقام في السويداء مهرجانات وفعاليات ومعارض عديدة مثل مهرجان السويداء للتسويق والسياحة ومهرجان المزرعة الثقافي ومهرجان موسيقى الجاز بالسويداء ومعرض الكرمة والتفاحيات ونشاطات فنية للفنون التشكيلية والنحت إضافة للعديد من المعارض الفنية ومهرجانات ثقافية وادبية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق