حضارة
المايا من الحضارات المهة جدا في الزمن القديم
المايا هو اسم حضارة
قامت شمال
جواتيمالا وأجزاء من المكسيك حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق هي موطن شعب هنود المايا
التي بلغت أوجها سنة
700 ق.م وكان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين
سببا في تدمير هذه الحضارة.
ملامح حضارة
مايا قد تطورت ببطء خلال سنة 700م وسنة 300 م، ويطلق على هذه الفترة ماقيل
التقليدية في حياة شعب المايا. ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة
الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك
كان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه
الفلاحة، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة.
بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت
إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م ولاسيما في المدن الجنوبية بسبب
الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات. وفي سنة 1000 ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة
للمايا وكانت أقوي مما كانت عليه قديما حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت. وفي سنة 300 م ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا وأصبحت
حضارة معقدة منذ سنة 300 م
– 900 م حيث
قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمدينة تيكال وباينك وبيدراس
بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في
حدود 1520 م
وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت، وآخر ممالك المايا، مملكة إتزا، لم تخضع
للإسبان حتى عام 1697 م.
اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتى
مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان، كما أشتهرت بالفخار
الذي كان على هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة.
وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال
الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر على آثار لهم من الذهب والفخار، كما عثر على
مقابر لهم
عرفت حضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية)
كما عرفت التقويم عام 613 م
والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم. وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس
الدينية.
عرفوا الحساب وكان متطورا فالوحدة نقطة
والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال وكانوا يتخذون أشكال الإنسان والحيوان كوحدات
عددية
إمبراطورية المايا القديمة تميزت بمبانيها
العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة وكما إشتهرت بمدنها
الكبيرة ككولان في هندوراس، وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار، وكانت شوارعها
ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية.
لم يعرف المايا العربات ذات العجل ولم
يستخدموا الحيوانات في حمل الأثقال بل كانوا يحملونها للتجارة على ظهورهم بعد
ربطها بحبل يعلق فوق الصدر أو الجبهة أو ينقلونها في قوارب صغيرة بمياه السواحل
والأنهار وهي مصنوعة من جذوع الشجر المجوفة بعد تفريغها من لبها بالحفر
كان
المايا يتبعون نظام كتابة معقدة، كتابة أشبه بالحروف الهيروغليفية hieroglyphic، وكانوا يدونون بها ملاحظاتهم
وحساباتهم الفلكية وحساب التقويم وكتابة أنسابهم وتاريخهم، وكانت الكتابة خليط من
الصور الرمزية glyphs التي كانت تمثل
كلمات تامة يمكن قراءتها ونطقها. وقد دونت مخطوطات نقش على الأعمدة الحجرية
والمذابح altars بالمعابد
وعتبات الأبواب والشرفات وعوارض الأسقف أو رسمها فوق الأواني الخزفية أو في الكتب
المصنوعة من لحاء الأشجار
كانوا يزرعون البذور في حفرة يحفرونها بعصي
من الخشب مدببة ثم بعدها كانوا بمارسون تقنيات للزراعة الموسعة والمستمرة، ويتبعون
فيها أسلوب الزراعات المكثفة وتدوير المحاصيل واستعمال الأسمدة، وكانوا يزرعون
الحدائق حول البيوت وفي الشرفات.
كانت حيواناتهم اللاما والكلاب وكان محصولهم الرئيسي الذرة والفاصوليا والأفاكادو
والفلفل الحار والبابايا والأناناس والكاكاو، وكذلك كانوا يزرعون والبطاطس والكينا
والطماطم وأشجار الكوكا
كان الكاكاو مشروبا مفضلا بعد إضافة الماء
والفلفل الحار له، وكانت المرأة تطحن الذرة بالرحى الحجرية وتصنع منه مشروبا مفضلا
أو تخبزه ككعكة فوق بلاطة من الفخار الساخن.
وكان الماياويون يشربون عسل النحل المخمر
وعليه لحاء (قشر) شجر البلش balche،
وكانوا يصطادون الأرانب والغزلان والديوك الرومية لتناول لحومها، ويربون الديوك
والبط والكلاب كحيوانات أليفة داخل البيوت. ويتناولون الأسماك بعد صيدها.
أثناء راحتهم من العمل كانوا يصنعون الأدوات
الحجرية والتماثيل الطينية الصغيرة وينقشون الأحجار الكريمة ويجدلون الحبال
ويصنعون السلال والحصر. وكانت المرأة تصنع أواني الفخار الملون من فتائل ملفوفة من
الطين وتنسج من ألياف القطن العباءات والقمصان ومئازر الرجال ليستروا بها عوراتهم.
وكانوا يستعملون لحاء شجر التين البري كورق الذي كان يستخدم في الأغراض الإحتفالية
كان الملوك يطلق عليهم لقب كولاهو k’ul ahau ومعناها الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك
كان له السلطة السياسية والدينية. وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي لكن
سلطاتهم تهاوت بعد ظهور المؤسسة الدينية التي كان للكهنة فيها سلطتهم، فكان يتولى
حكم كل مدينة ملك يعتبر الكاهن.
وكان الصفوة أغنياء مرفهين وعامة الشعب
فقراء مدقعين. كان النبلاء يعيشون في بيوت بنيت من الحجارة المنحوتة وجدرانها جصية
عليها رسوم، وكان الموتي من النبلاء يدفنون في قبو حجري ومعهم مقتنيات من الفخار
والأحجار الكريمة وأحيانا كان يوضع معهم أضاحي بشرية لخدمتهم بعد الموت.
كان مجتمع المايا معظمه فلاحين قرويين يؤدون
ثلثي خراجهم للطبقة الحاكمة ويسخرون في العمل عندهم، وكانت النسوة يمشطن ويطيلن
شعورهن وكانت تسريحة الشعر تميز طبقة المرأة في المجتمع، وكن يلبسن ملابس مطرزة
كالجيبات والبلوزات.
كان الماياويون نساء ورجالا يتزينون بالوشم
المتقن الرسم. وكان يوجد العبيد من الأسري والمجرمين. كانت تجارة العبيد سائدة
ولاسيما وأن الفقراء كانوا يبيعون أنفسهم في أسواق النخاسة. وكانوا إما يعملون في
الأعمال الشاقة أو يذبحون كأضاحي تدفن مع سادتهم ليخدموهم بعد الموت.
كانت مجتمعات المايا تعيش مستوطنات عشائرية
لها رؤساء وكانوا حكاما بالوراثة أيضا، وكانوا يحكمون من خلال مهاراتهم السياسية
وقدراتهم الروحانية حيث كان يعتقد أن لهم القدرة على الاتصال بالقوى الطبيعية
الخارقة. وكانوا بين عشائرهم يمثلون الطبقة الراقية. وكان يوجد مجلس عام لهذه
العشائر يضم حكماؤها ورؤساء العشائر ليدير أمورهم السياسية والدينية
ككل الشعوب الزراعية القديمة كان الماياويون
الأوائل يعبدون آلهة الزراعة كإله المطر وإله الذرة، وكانوا يقدمون له القرابين offerings ليتوددوا لها. وكان الفلكيون القدماء
لديهم قد لاحظوا حركات الشمس والقمر والكواكب وصنعوا تقويمهم من خلال حساباتهم وملاحظاتهم
الفلكية لهذه الأجرام السماوية.
كانت ملاحظات الفلكيين تتنبأ لتبشرهم
بالأحداث والساعات السعيدة في كل أنشطتهم الحياتية، ولاسيما بالنسبة في الزراعة أو
الحرب. والأهرامات التلية التي تشبه التلال والمصنوعة من دبش الحجارة وفوق قمتها
المذابح altars أو المعابد المسقوفة،
كانت توضع في قلب المستوطنات ليقوم الكهنة بتقديم الأضحيات sacrifices للآلهة فوقها. لهذا أقاموا الأهرامات
الكبيرة الحجم في موقع الميرادور El Mirador في الأراضي الواطئة من جواتيمالا، وتعتبر من البنايات الضخمة لقدماء
المايا.
في سنة 400 ق.م. أصبحت منطقة الميرادور
مركزا مأهولا بالسكان وكرسي لمشيخة chiefdom قوية. وأثناء مرور زمن العصر ماقبل التقليدي استخدم المايا الحجارة في
البناء، وكانوا يستعملون حجر الأوبسيديان Obsidian
(الصوان)، وهو من صخور البراكين الناعمة، وكان يجلب من المناطق المرتفعة في جواتيمالا،
فصنعوا منه الأسلحة والآلات والمنحوتات
في سنة 300 م. ظهرت الحضارة التقليدية
لشعب المايا، وأصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300 م – 900 م حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا
كمدينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان. وكان يتولى حكم كل مدينة ملك يعتبر
الكاهن. كان الحكام تنقش صورهم فوق استيلات stelae
(أنظر :استيلا) من الصخور وهم يحملون الأسلحة ويحاولون أسر بعضهم البعض
لتقديمهم كذبائح قربانية لأغراض طقوسية وسياسية. وكانوا يدمرون أجزاء من المدن
ولاسيما التخوم الإحتفالية للمعابد، لكن هذا لم يكن يؤثر علي السكان والاقتصاد في
المدينة ذاتها.
كانت الدول المدن تحارب بعضها على نطاق ضيق
ولا تتعدى الغارات متبعين الهجوم الخاطف ثم الإنسحاب السربع، ومعظم المهاجمين
كانوا من النبلاء.
في المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن
الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان الذين كانوا يدفعون الجزية على شكل سلع
أو العمل في بناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق
المستنقعات، وكانوا يبطنون ويحفرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر
الجير الأحمر. كان النحاتون ينقشون على الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام
وحروبهم وإنتصاراتهم فيها.
كانت
التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل
النقل والمواصلات، وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل السيراميك وريش الطيور
الإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف
حشرات cochineal القرمزية
اللون، والبخور من راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء
المدخنة والأسماك المجففة، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات
الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء
كان للمايا آلهتهم المتعددة وكان الإله
الأكبر (هوناب كو) خالق العالم، وكان أهم الآلهة. والإله (إيتزمنا) إله السماء
مالك السموات والنهار والليل ويرسل المطر وراعي الكتابة والطب، وكانت عبادته قاصرة
على الكهان، وظهوره يكون لمساندة الأسرة الملكية ونصرتها. وإله الذرة (نبات)(يوم
كاكس) والآلهة الأربعة تشاكس آلهة المطر. وكل إله منها يشير لجهة من الجهات
الأصلية الأربعة a cardinal direction وله لونه الخاص. وكانت النسوة يعبدن إله قوس قزح (إكس تشل) الذي له صلة
الشفاء وولادة الأطفال والرضاعة.
كل المايا يعتبرون الربة (إكستاب) إلهة
الإنتحار لأنهم كانوا يعتقدون أن المنتحرين يذهبون في سماء خاصة.
كان
الماياويون يمارسون طقوسا ويقيمون إحتفالات القداس لهذه الآلهة في أول السنة الماياوية
في يوليو أو في حالة الطواريء كما في المجاعات والقحط والأوبئة والجفاف. وكانوا
يتجمعون في ساحة عامة لتكريم الآلهة ويضعون الريش فوق أبواب الساحة. وكانت مجموعات
من الرجال والنساء يضعون فوق ملابسهم ورؤوسهم الريش والأجراس الصغيرة بأيديهم
وأرجلهم عندما يرقصون بالساحة على إيقاع الطبول والمزمار وأصوات الأبواق. وكان
المصلون يشربون مشروبا شعبيا، وبعض المشاركين كانوا يتناولون عقار الهلوسة من الأضاحي
البشرية
كانت الأهرام الحجرية معابد، وكان المعبد
مزخرفا بالنقش الغائر أو مرسوما بتصميمات وأشكال متقنة، وهو مغط ببلاطة حجرية
رأسية منقوشة أيضا يطلق عليها عرف السقف roof comb.
وواجهة المعبد مزينة بنتواءات لأقواس حجرية corbeled arches مميزة. وكان كل قوس يشيد من حجر وكل حجرة
كانت تمتد وراء الحجرة التي تحتها، وجانبا القوس كان يرتبطان بحجر العقد keystone فوقهما. وكان أمام المذبح يطلق دخان
البخور الذي كان يحرق في مباخر فخارية، وكان المتعبدون يقدمون العطايا من الذرة
والفاكهة وطيور الصيد والدم الذي كان المتعبد يحصل عليه بثقب شفتيه أو لسانه أو
عضوه التناسلي بمخراز.
للتكريم الاسمى كان المايا يقدمون الضحايا البشرية من
الأطفال والعبيد وأسرى الحرب. وكانت الضحية تدهن باللون الأزرق ويقتل فوق قمة
الهرم في إحتفالية طقوسية بضربه بالسهام حتى الموت أو بعد تقييد الساعدين والساقين
بينما الكاهن يشق صدره بسكين حاد مقدس من حجر الصوان لينتزع القلب ليقدم كقربان،
وكان القادة من اسرى الأعداء يقدمون كضحية بعد قتلهم بالفؤوس وسط مراسم من الطقوس.
ونجراس وكوبان
في القرن الثامن والتاسع الميلادي، بدأت
حضارة المايا الكلاسيكية بالانحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية،
فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف، هي ما يعتقد بأنه سبب
انحدارها، وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة
الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق