عاش المصرى القديم على ضفاف النيل من ألاف السنين يبنى حضارته العظيمة، ولقد تعايش مع البيئة المصرية الطبيعية منها وغير الطبيعية، وكان للطبيعة الجغرافية لمصر أثرًا كبيرًا فى تشكيل وإظهار عقائده التى اعتنقها وصاحبته طوال حياته عبر العصور الفرعونية، بل وفى عقائده الدينية والجنائزية وبعد وفاته.
فكما آمن بالحياة وعمل بكل طاقته الذهنية والبد نية فى الاستفادة بكل ما أتاحته البيئة المصرية من أرض وما بها من كنوز، ومناخ وظواهر طبيعية، وأيضًا الكون وما به من ظواهر فأنتج لنا حضارة عظيمة أساسها الإيمان بالحياة، فعمل لها كأنه سيعيش أبد الدهر فبرع فى كل مجالاتها، وأصبحت مصر نبراسًا للشعوب الأخرى.
وكما آمن المصرى القديم بالخير وحث عليه طوال حياته، وأوصى به لأولاده وأولاد أولاده، وآمن – أيضًا - بالشر وأوصى بالبعد عنه واستطاع خلال حياته الدنيوية عبر ثلاثة آلاف عام أن يسجل التعاليم من الحكماء بالدعوة للخير والسلام، والتمجيد والاستحسان للأخيار، وأوفر الجزاء فى الدنيا للأبرار على حد سواء.
وفى عقيدة البعث والخلود التى آمن بها وهى نتاج الظواهر الطبيعية التى لاحظها وأثرت فى هذه العقيدة، فقد رأى بعد كل غروب للشمس شروق، وبعد كل فيضان فيضان آخر،
وبعد إنبات النبات إنبات آخر. فآمن بأن له حياه أخرى بعد الموت، وكما آمن بالخير والشر فى الحياة الدنيا، فقد عمل على تمييز الأخيار عن الأشرار وإعطاء كل ذى حق حقه سواء بالجزاء الحسن أو العقاب الصارم.
وكما اعتقد بأن هناك جنة للأبرار، وهى ما أطلق عليه اسم ( يارو) أى حقول أوزير، اعتقد أيضًا أن هناك نارًا وجحيمًا للأشرار، وأطلق عليها (سج)، ولهذا آمن بوجود محاكمة فاصلة للموتى بعد الموت لكل متوفى أمام (أوزير) إله العالم الآخر ورب الموتى فلابد من محاكمة عادلة لكل إنسان ليلقى جزاء ما اقترفت يداه خلال حياته الأولى، إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.
المحاكمة
يعتقد المصريون القدماء – بعد الموت – أن إقامتهم بالقبر ليست أبدية، إنما هناك محاكمة إلى حياة أخرى وهى الحياة الأبدية الخالدة
وهى ما عبر عنها فى اللغة المصرية القديمة (دى عنخ جت جح ) وترجمتها (ليعطى الحياة أو الأبدية)، والتى كانت تختم بها كل دعوا تهم على المقابر.
وليعبر هذه الفترة بين الموت والحياة الثانية لابد من محاكمة أمام إله العالم الآخر (أوزير). وقد تخيل المصريون القدماء المحاكمة بطرق مختلفة وإن اجتمعوا على العناصر الرئيسة فى تصورهم لها، مع الوضع فى الاعتبار أن ما ورد إلينا من مناظر للمحاكمة تم تصويره باختيار صاحب المقبرة قبل وفاته، وطبقًا لرغباته هو وما يتمنى لنفسه، كما ظهرت فى التعويذات 30و125 من كتاب الموتى.
فنجد فى الجزء الأول من منظر المحاكمة، وغالبًا ما يكون أعلى المنظر، والذى يبدأ بتصوير المتوفى واقفًا أو راكعًا يبرئ نفسه أمام الإله (أوزير) فقط والبعض الآخر صور نفسه أمام جميع الآلهة العظيمة والكبرى، مثل: (رع، جب، نوت، حتحور، إيزيس، حورس) مُدللاً على براءته لهم من أى ذنب.
فى حين نجد أن البعض الآخر صور نفسه أمام اثنين وأربعين إله ممثلى العدالة فى أقاليم مصر كل الاثنين وأربعين مقاطعة، على رأس كل منهم ريشه العدالة والتى كان يطلق عليها اسم (ماعت)،
والمثال الأول أراد المتوفى (أثناء حياته) أن يؤكد براءته من أى ذنب أو إثم أمام الآلهة؛ مما يؤكد تدينه وثقته المفرطة لكى يثبت براءته أمام كل الآلهة. والمثال الثانى أراد المتوفى إبراء نفسه فى كل مقاطعات مصر ويقسم بأسماء هؤلاء الآلهة كل باسمه وينفى عنه ذنب من الذنوب. فيبدأ بمناجاة كل إله باسمه ولقبه وينفى عن نفسه ذنب مثل لم أسرق، لم أقتل.
وحين ينتهى هذا المشهد حتى ويعطى له الإذن بالدخول إلى قاعة العدالة والمحاكمة أمام رب العالم الآخر (أوزير) والتى صورت على هيئة قاعة واسعة بها عرش (أوزير) داخل مقصورته وأمامه الآلهة (حتحور أو إيزيس و نفتيس).
وهنا يظهر المتوفى قادمًا يسوقه من يده إلى المحاكمة الاله (حورس) وخلف المتوفى (الكا) الخاص به و(الكا)هو القرين الذى لازم المتوفى أثناء حياته وبعد مماته ليلاً ونهارًا كظله فهو يعلم عنه كل شىء ووجوده هنا ليكون شاهدًا عليه، فهو يعلم عنه كل شيء ويتوارد إلى الذهن هنا المشهد نفسه فى يوم الحساب فى الإسلام من أن كل إنسان سوف يكون معه سائق وشهيد عليه.
فكيف توارد إلى الذهن المصرى القديم هذا المشهد رغم نزول القرآن بحوالى ألف عام من انتهاء العصر الفرعونى؟
وخلف المتوفى تقف الإلهة (ماعت) ربه العدالة التى زينت رأسها برمز العدالة الريشة (ماعت)، والتى توضع فى الميزان لوزن القلب وبين عرش (أوزير ) والمتوفى وقرينه وحورس وماعت نجد فى منتصف القرد
والقرد هنا هو الإله (جحوتى) رب الحساب والعلم وفى بعض المناظر الأخرى يظهر أبو قردان الملقب ب(تحوت) رب الحساب وهو يقوم بتدوين نتيجة الوزن لتقديمه للإله (أوزير) وفى الميزان أن الكفة التى بها قلب المتوفى الواقف بجوار الميزان.
أما رمز العدالة سواء (الريشة) أو رمز الإلهة (ماعت ) وعلى رأسها الريشة ناحية الإله (أوزير)، وفى الغالب يقوم المتوفى بطلب تمثيل القلب فى نفس وزن الريشة بالتساوى من الرسام المعد للمنظر ولم يعثر على منظر يمثل القلب أثقل أو رمز العدالة أثقل، فكل المناظر تمثل القلب فى نفس وزن رمز العدالة، لأن هذا دليل البراءة للمتوفى الطيب.
وهذا يدل أن المصرى القديم اعتقد أن القلب، والذى أطلق عليه اسم (إيب) هو مصدر الخير أو الشر فالقلب هو وعاء الأعمال، فكما يقال (قلب حجر أو قلب أسود ) لتشبيه الأشرار، فالمصرى القديم شبه هذا بالقلب الملىء بالآثام والذنوب لابد وأن يكون ثقيلاً.
وفى الإسلام نجد أن فى أحاديث الرسول الكريم ما فحواه (أن فى الجسد لمضغة أن صلحت، صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله، وأيضًا (التقوى ها هنا، وكان يشير إلى قلبه) وأيضًا (أن الله لا ينظر إلى وجوهكم ولكن ينظر إلى ما وقر فى قلوبكم). أى أن الأعمال السيئة تبقى فى القلوب، وإدخال شيء إلى شيء يثقل من وزنه فالفيصل هنا وزن القلب.
وفى القرآن الكريم ورد ذكر الميزان فى سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) وأيضًا (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) سورة الزلزلة.
ويقول العامة الآن فى مصر (قلب خفيف) و(قلب ضعيف) و (قلب حجر) و (قلب أسود).
هذه أمثلة تثبت لنا أن القلب المملوء بالآثام والذنوب يكون ثقيلاً، لمعرفة صدق هذا الإنسان من غيره لابد من وزن القلب. ولحرص المتوفى قبل وفاته يطلب من الفنان تصوير وزن قلبه مساوى لوزن رمز العدالة دليل على براءته من أى ذنب.
فكيف توارد إلى ذهن المصرى القديم هذه الفكرة ؟
وعند وزن القلب وإثبات براءته من الذنوب يسجل (تحوت) إله الحساب النتيجة ويعرضها على (أوزير) رب العالم الآخر الذى يوافق بعد هذا على منح المتوفى الحياة (عنخ) ليبدأ حياته الآخر.
بجوار الميزان يقبع إله آخر شكله المصرى القديم على هيئة حيوان رمزى مكون من رأس تمساح ومقدمة أسد ومؤخرة سبع البحر وأطلق عليه اسم (عامو)، أو (عم عم)، أو (يم يم)
وهو ما أطلق عليه بالعربية (الملتهمة) الذى يلتهم قلب الآثمين إذا ما أثبت الميزان جرمهم فى حالة ثقل القلب. ومعنى التهام هذا الإله القلب فقدان المتوفى قلبه وحياته سواء فى البر أو النهر أو البحر فليس له مكان على الأرض مره أخرى.
فبعد المحاكمة وحين تظهر براءة المتوفى ويسجل هذا الإله (تحوتى) رب الحساب ويعرضه على الإله (أوزير) رب العالم الآخر الذى يقوم بإعطاء المتوفى حياته الثانية المتمثلة فى علامة (عنخ) ليبدأ حياته الجديدة.
ونجد أن المصرى القديم قد سجل فى كتاب (البوابات ): ( إن أبدانكم سوف تقوم من أجلكم). (إن عظامكم سوف تلتحم من أجلكم ). (سوف ينزعون عنكم أكفان المومياء وتلقون جانباً أقنعة المومياء) (تحرروا مما يضجركم كى تتمتعوا بالحقول (يارو ) الجنة وتصوير المصرى القديم للجنة (يارو) أو حقول الإله أوزير كما وردت فى كتاب الموتى التعويذة 110.
عبارة عن أنهار ماء تجرى باللون الأزرق وبينها حقول (أوزير) والمتوفى ويزرع وبها عيون ماء مختلفة الألوان ويقوم المتوفى بالإبحار بحريه فى هذه الأنهار بمركب صغير يحمله وحده. وفى بعض المناظر تكون زوجته خلفه فى حقول (أوزير).
ومنظر آخر يمثله وهو جالس أمام مائدة القرابين يأكل ويشرب من الطعام والفواكه والمشروبات وصور منها (الخبز– البيرة- البصل– اللحم– الخس– البط– الإوز) ومن الفواكه (الرُمان ـ العنب ـ التين ـ .........).
والسؤال؟ لماذا تصور المصرى القديم الجنة بهذه الكيفية ؟
لقد تخيل أن هذه الجنة تحت الأرض، وسبب ذلك دفن المتوفى تحت الأرض فى المقبرة ووجود الأنهار نابع عنده من حفر الآبار وخروج الماء منها.
لذا تخيل أن هذه الجنة للحياة الآخرى أسفل الأرض بها أنهار كثيرة تروى منها حقول أوزير، ولكن ماذا عن شكل البحيرات واختلاف ألوانها التى تعطى انطباعًا لتغير مذاقها؟
ويتبارد للذهن ما ورد فى الإسلام عن الجنة للمؤمنين الصالحين "لكن الذين إتقوا ربهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله وما عند الله خير للأبرار" سورة أل عمران آية 198، وأيضًا "تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم" سورة النساء آية 13.
كما اعتقد المصرى القديم فى الجنة للأبرار، فقد أعتقد –أيضًا- فى النار أو الجحيم للأشرار، ولقد أطلق عليها اسم (سج) ومعناها فى اللغة المصرية القديمة (النار)، وقد تخيلها المصرى القديم كما وردت على أوراق البردى بكتاب الموتى التعويذة رقم 17.
عبارة عن بحيرة باللون الأحمر يلقى فيها الأشرار فتحرق أجسادهم، وسر تمثيلها بالبحيرة وحتى لا يستطيع الآثم الخروج منها بسهولة. وفى بعض المناظر وتحاط هذه البحيرة بسور أسود سميك، ليس له مدخل أو مخرج مغلق تمامًا.
فالداخل إليها مفقود وليس له سبيل للخروج منها، ويحيط بها من الخارج عشرة ثعابين من ثعابين الكبرا القاتلة والغرض منها الآثم الذى يحاول النجاة من بحيرة النار.
وفى الأربعة أركان لهذه البحيرة نجد ثمان أو أربعة قرود قابعة على الكرسى لحراسة هذه البحيرة أو الجحيم لمنع الآثمين من الفرار ونجد فى بعض المناظر قرد واحد لكل ركن أو قردان وفى النهاية على الأربع جوانب من النار نجد علامة (سج) ومعناها النار. وفى منتصف البحيرة نجد جثث الآثمين محروقة، وقد أصبح لونها أسود، وبدون رأس .
ونجد أن كلمة (سج) باللغة المصرية القديمة، قريبة الشبه بمراد فها باللغة العربية (سجيل) آحد اسماء جهنم.
وقد ورد العديد من تصوير الجحيم أو النار فى كثير من البرديات ومناظر المقابر، وإن اختلفت التفاصيل إلا أن المضمون والأصل فيها واحد، ألا وهو تصوير حرق الآثمين فى بحيرة النار مفصولى الرأس، مقيدة أذرعهم وفى بعض المناظر فى وضع مقلوب.
الحياة بعد الموت: أى البعث من الموت مرة أخرى ليحيى حياته الثانية، من أخبره بأن هناك حياه ثانية بعد الموت، وخاصة وهو لم ير أحد الموتى يبعث مرة أخرى ويخبره بما حدث!!
· الروح: وهى إحدى مكونات الإنسان التى اعتقد أنها تعيش فى الجسد مدى الحياة، ثم تتركه صاعدة إلى السماء على هيئة طائر له رأس ووجه المتوفى والتى أطلق عليها (با)، من أخبره عن الروح رغم كونها سر من أسرار الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يطلع بشر حتى الآن عنها ، (ويسألونك عن الروح ، قل هى من أمر ربى) وخاصة وهو لم يرى من قبل أحد الموتى وقد خرجت منه الروح !!
· القرين: وهو نسخة من الإنسان تلازمه طوال حياته تحت الأرض، ويتقابل معه عند المحاكمة للشهادة عليه سواء بالخير أو الشر، لأنه يراه ليل نهار أثناء حياته فالقرين الذى أطلق عليه المصرى (كا) يعلم كل صغيرة وكبيرة عنه، وقد ورد فى القرآن الكريم أن لكل إنسان قرين.
· المحاكمة أو الحساب: وهو يوم الحساب والجزاء الذى يشهده (أوزير) لمعرفة أعمال المتوفى من حيث صلاحها وفسادها. ففكرة الحساب والعقاب واردة فى الرسالات السماوية، فمن أين عرف المصرى القديم أن هناك يوم للحساب والعقاب فى العالم الآخر؟
· الميزان ووزن القلب: وهو المقياس الذى تخيله المصرى القديم لقياس مدى صلاح أو فساد الإنسان، ومعرفه كونه طيبًا أو خيرًا أو شريرًا.
· القلب أو النية: وهو مصدر الخير أو الشر فى الإنسان. والقلب وعاء الأعمال وكونه خفيفًا أى خاليًا من الآثام والذنوب دليل طيبته وصلاحه والجزاء الجنة وكونه ثقيلاً أى مليئًا بالآثام والذنوب دليل فساده وشروره فمصيره النار أو الجحيم.
· الجنة (يارو): وهى حقول الإله (أوزير) رب العالم الآخر وهى جزاء الأبرار ليحيوا حياه ثانية هنيئة تجرى من تحتها الأنهار، وبها عيون للشراب ويعيش بها مع الآلهة.
النار أو الجحيم (سج): وهى الجحيم أو جهنم للأشرار، عقابًا على ما اقترفت أيديهم من آثام وذنوب.
وهنا وقفة مع المصرى القديم، فنحن نجد أن هناك تشابهًا كبيرًا بين معتقدات المصرى القديم وما ورد فى الرسالات السماوية وخاصة الإسلام عن البعث والحياة والجنة والنار، رغم أن المسيحية والإسلام بدأت حوالى بعد 332 عامًا و 940 عامًا بعد انتهاء الحضارة المصرية
، وهذا يرجع إلى أن مصر أرض الحضارات، شهدت زيارات للعديد من أنبياء الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذين حملوا للبشرية أعظم الرسالات لبنى الإنسان لكى يستطيع الحياة على الأرض فى سلام.
فقد شهدت مصر (شيث) بن( آدم) عليهما السلام ثانى الأنبياء وأيضًا (إدريس) عليه السلام و (إبراهيم) وابنه (إسماعيل) عليهما السلام وقد تزوجا من مصر، وكذلك (يعقوب) وأولاده
ومنهم ( يوسف) ـ عليهم السلام ـ ومن أحفاد أحفاده (موسى) -عليه السلام- كل هؤلاء الأنبياء عاصروا مصر الفراعنة، وحملوا رسالات الله إلى الإنسان والإنسانية لتذكير الإنسان عامة بخالقه ولإعلامه بوجباته وحقوقه ودوره فى الحياة.
ونظرًا للتطور الكبير للجنس البشرى، فكان الله يرسل رسالتة الواحدة تلو الآخر لتواكب هذا التطور ولإرشاد الإنسان إلى الطريق المستقيم. ولقد وجدت هذه الرسالات من الرسل من يتلقى منها وينتقى بعض من مفاهيمها
ونقصد بهم الكهنة بالمعابد المصرية القديمة فقاموا بمزج هذه العقائد القديمة بما علموا به من خلال تلك الرسالات، فحدث هذا التشابه العجيب بين الرسالات السماوية وبين المتعقدات المصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق